"الكارما" باللغة السنكسريتية تعني العمل، لكنّ المعنى الالتزاميّ للكلمة يجعلها تتجاوز العمل لتفيد العمل وآثار ذلك العمل. قانون الكارما يقول إنّ كل عمل بالجسد، باللسان، بالفكر يترك بصمة نفسيّة طاقيّة لدى الفاعل لا بدّ أن يتجسّم أثرها يوما مّا فيجرّبه الفاعل بنفسه.

يمكن أن نوضّح ذلك بالإقرار بأنّ كلّ شخص عندما ينجز عملا بالجسد أو باللّسان أو بالفكر، فهو ينشئ أثرا من الآثار في الواقع الخارجيّ، وهو في اللّحظة نفسها ينشئ أثرا من الآثار في كيانه النّفسيّ الجوّانيّ. وهذا الأثر (أو هذه البصمة) هو ما سيجذب الشّخص في المستقبل إلى أن يحيا تجارب من نفس نوع التّجارب الّتي كان سببا فيها. في مثال شكليّ، يمكن أن نتصوّر أنّ إنسانا له "محتوى كارميّ" إيجابيّ، وأنّه يخرج كلّ مساء ليتنزّه في أحد الأحياء، وأنّه في إحدى الأمسيات شعر برغبة في أن يغيّر الطّريق الّذي يسلكه عادة في نزهته. والحال أنّه في ذلك اليوم، كانت عصابة من المجرمين قابعة بذلك الطّريق بهدف السّطو على المارّين فيه. إنّ أثر المضمون الكارميّ الإيجابيّ هو ما حدا بالشّخص إلى أن لا يسير في الطّريق الّذي يسلكه عادة، وذلك حتّى لا يتعرّض لخطر المجرمين (المثال ذكره إيريك تولون).

ويتجسّم قانون الكارما من خلال قول الله تعالى: "فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرّا يره" (الزّلزلة 7-8). واستعمال فعل "يرى" بديع إذ نذهب إلى أنّ الرّؤية هنا لا علاقة لها برؤية البصر، وإنّما تفيد الرّؤية هنا معنى الذّوق. أي إنّ كلّ من قام بعمل مّا سيذوق ذاك العمل نفسه ونتائجه. مثلا إذا صفعت شخصا وتألّم المصفوع بسبب ذلك، فأنت ستذوق يوما مّا الصّفعة وألمها أو إنّك ستذوق نتيجة أخرى توازيها.

يمكن أن يظهر المحتوى الكارميّ في ثلاث مراحل من حيوات الإنسان، قد يظهر في الحياة الدّنيا التي هو فيها. وقد يظهر في حياة تالية تتقمّصها نفس الرّوح التي مرّت بجسد ذلك الإنسان ونفسه. وقد يظهر في الحياة الآخرة.