نتّفق أوّلا أنّ الله تعالى لا يأمرنا بطاعة الوالدين، وإنّما يأمرنا بالإحسان إليهما. "وقضى ربّك ألاّ تعبدوا إلاّ إيّاه وبالوالدين إحسانا إمّا يبلغنّ عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفّ ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما-واخفض لهما جناح الذّلّ من الرّحمة وقل ربّ ارحمهما كما ربّياني صغيرا" (الإسراء، 23-24). والإحسان ليس الطّاعة. الإحسان يفترض الرّعاية والمساعدة . أمّا الطّاعة فلا تكون لمخلوق، وإنّما الطّاعة لله تعالى وحده. ولا طاعة أصلا لمخلوق في معصية الخالق، وإن يكن ذلك المخلوق هو الأب أو الأمّ.
ورغبتك في الزّواج من المرأة الّتي تحبّ ليس فيها عصيان لله، وليس فيها ما يعيب. بل إنّ رفض أمّك لهذا الزّواج لمجرّد أنّ المرأة التي تريد الزّواج منها مطلّقة هو الحرام. فالحكم على النّاس لا يكون وفق وضعياتهم الاجتماعيّة، وإنّما وفق أخلاقهم وسلوكهم.
ومن أكبر الأخطاء في عصرنا، ربطُ البعض رضا الله برضا الوالدين. فالوالدان ليسا من الملائكة، وإنّما هما من البشر، وقد يصيبون وقد يخطئون. ولذلك فإنّ على الإنسان جعل رضا الله وحده محكّا لأفعاله. وعليه أن يحسن إلى والديه دون أن يطيعهما فيما فيه غضب الله. والقرآن يعجّ بالآيات التي تنتقد أقواما اختاروا اتّباع دين آبائهم فأرضوهم وأغضبوا الله تعالى. وما ينطبق على الدّين يتّسع ليشمل كلّ أنماط السّلوك الّتي لا ترضي الله تعالى.