• +216 52 231 166
  • Cette adresse e-mail est protégée contre les robots spammeurs. Vous devez activer le JavaScript pour la visualiser.

Blog

الولاية في حماية النّساء: بيت الصّبيّة بجبنيانة (تونس)

 

من ألطف ما اعترضنا في رحلتنا على خطى الوليّات مكان يُسمّى ب"بيت الصبيّة" بجبنيانة. يوجد هذا المكان في مزار سيدي مخلوف بجبنيانة، وبمنطقة العامرة تحديدا. وهو قاعة صغيرة لا يمكن بلوغها إلاّ بالمرور عبر المقام. ليس في هذه الغرفة إلاّ نافذة صغيرة بالأعلى بما يجعلها منيعة من الخارج مثلما هي منيعة من الدّاخل. وهذا المكان هو ملاذ لكلّ امرأة لها مشكل مع زوجها أو أبيها أو أخيها. بالعبارة الحديثة، هذا المكان ملاذ لكلّ امرأة تعاني من سطوة المنظومة الذّكوريّة البطريركيّة. هنا تتحصّن المرأة الّتي يريد أهلها أن يفرضوا عليها زوجا، وهنا تتحصّن المرأة الّتي تفرّ من زوج يسيء معاملتها أو من زوج ما عادت تطيق معاشرته. ومهما تكن الحكاية المخصوصة، فالمرأة الّتي تلوذ ب"بيت الصّبيّة" هي في حمى سيدي مخلوف ولا يتجرّأ أحد على الدّخول إليها، ولا على إجبارها على الرّجوع إلى بيت الزّوج أو الأب. إنّ الوليّ يقوم في هذا المستوى بأحد أدواره الأساسيّة وهو حماية كلّ من يلجأ إليه من ضعفاء ومحتاجين. على أنّ خصوصيّة بيت الصّبيّة هو أنّه مكان لجنس مستضعف يجد في الوليّ نصيرا وعضدا.

 

 

 

مقام سيدي بومخلوف بالعامرة

 

مدخل باب الصّبيّة من داخل مقام سيدي بومخلوف

 

ونعتقد أنّ تسمية المكان ب"بيت الصّبيّة" دالّ. فأمّا البيت، فهو المكان الّذي يأوي الإنسان ويحفظه من اعتداءات الخارج، وأمّا الصّبيّة فمستضعفة مرّتين، مرّة لأنّها أنثى في مجتمع يستهجن الأنوثة، ومرّة لأنّها غير متزوّجة في مجتمع يعدّ الزّواج إنجاز المرأة الأهمّ في حياتها.

 

 

صورة داخل بيت الصّبيّة

 

 

الغرفة حصينة بين مقام الوليّ من جهة والشّبّاك العالي من جهة أخرى

 

ونحن نرى أنّ وجود مثل هذا البيت الحامي للنّساء متّسق مع الثّقافة التّونسيّة الّتي كثيرا ما تميّزت عن الثّقافات العربيّة الإسلاميّة الأخرى بحماية النّساء ضدّ الهيمنة الذّكوريّة. فلا ننسى أنّ تونس هي البلاد الّتي أنشأت ما يسمّى بالصّداق القيروانيّ، وهو نوع مخصوص من الصّداق يتيح للمرأة أن تشترط على زوجها أن لا يتزوّج عليها امرأة ثانية. وليس غريبا أن يكون البلد الّذي ابتدع الصّداق القيروانيّ هو نفس البلد الّذي ابتدع بيت الصّبيّة. صحيح أنّ حماية المرأة في الحال الأولى هي حماية بالقانون، وأنّ حمايتها في الحال الثّانية هي حماية بالمعتقد الرّوحانيّ، ولكنّ هدف الحماية الأنثويّة يتحقّق في الحالتين.

 

ألفة يوسف


OlfaYOUSSEFL'auteure

Olfa YOUSSEF

Inscrivez-vous

Lire gratuitement !

Téléchargez et lisez gratuitement les œuvres de l'auteure Olfa YOUSSEF

Contact et RDV

Copyright © 2025 OlfaYOUSSEF.com. All Rights Reserved. Powered with by IDEAL CONCEPTION